عن هذه الرواية أود القول معولا فقط على انطباع القارئ وما يعلق في الذاكرة من أسئلة مزعجة: إن الكاتبة قد نجحت في تحويل الأفكار إلى أحداث؛ فجاءت متشابكة وملغزة تشابك القيم وتقاطعها. تخيّل لحظة أنك في متاهة جدرانها مرايا: من الصعب الاهتداء إلى المخرج، لكنك، من دون شباك، ستلو لك نفسك كما لم ترها من قبل، ستفاجئك نفسَك، ستكتشفها، ستبرز لك، ستستقل عنك وربما ارتسمت في نظرها .
جون بلومار بطل هذه الرواية حدث معه ما يشبه ذلك. عندما اختار إعادة بناء حياته حسب مشيئته لا كا صمّمهاله قدر لا يطلب رأيك في ما يجب أن تكون عليه عائلتك أو بلدك أو حقبتك. فكأنه بذلك أراد أن يريد؛ أراد أن يساهم في خلق نفسه؛ أن يخوض تجربة الشمة والصدق والتجد من الحظ. ولو جاز اختزال مغامرته الإنسانية في جملة واحدة لقلتُ: « لقد بذل جون بلومار من نفيه دماء الآخرين ! ». قد تبدو المفارقة عجيبة و هي تحديداً من بين أجمل ما قد يظل يشغل المخيّلة ويمنح هذه الرواية جمالا استثنائياً.